الحمد لله رب العالمين، الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، ونور له طريق الهداية، وأمن له الاطمئنان النفسي، وضمن له الإستقرار في ذاته. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا بربوبيّته، وإيمانا برحمته سبحانه وتعالى، وأشهد أنّ سيدنا ونبينا محمداً رسول الله، سيّد الخلق ورحمة الله المهداة للعالمين. اللهمّ صلّ وسلّم وبارك على هذا النبي وعلى آله الطاهرين، وأصحابه الطيبين، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
معشر الإخوة والأخوات: أصيكم ونفسي بتقوى الله،«واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين»
إن الله تعالى أنزل القرآن الكريم، فأحكم آياته، وفصل حلاله وحرامه، وبين حدوده وفرائضه. وبجانب هذا الإحكام والبيان الرباني جعل الله تعالى القرآن الكريم يحتوي على المتشابهات؟ قال تعالى:هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتآل عمران:7. وإذا نظرنا إلى القرآن الكريم من حيث المحكم والمتشابه، يمكن تقسيمه إلى قسمين: القسم الأول محكم: بمعنى إتقان ألفاظه، بحيث لا يتطرق إليها أي لون من ألوان النقص والإلتباس في اللفظ أو المعنى. قال تعالى: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ هود:1. وقال تعالى: . وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً الأنعام:115. صدقا في الأخبار، وعدلا في الأحكام. والقسم الثاني من القرآن الكريم متشابه: بمعنى أن أياته متشابهة في الحق والصدق، والإعجاز والبلاغة، والهداية إلى الخير. قال تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ الزمر: 23. فآيات القرآن الكريم تصدق بعضها بعضا، ولآ تتناقض بعضها مع بعض. قال تعالى: . وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا النساء:82. إن الآيات المحكمات هي أصل القرآن، فهي بمنزلة الأم، وإليها ترجع الآيات المتشابهات. فما هو الإحكام والتشابه المقصود في القرآن الكريم من حيث المعنى والدلالة؟ فالمحكم من القرآن هو الذي لا يحتمل إلا معنى واحدا، ولا يدل إلا على معنى واحدا، ولا يتطلب إلى بذل الجهد في فهمه، ولا يختلف فيه العلماء، مثل قوله تعالى: . قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الصمد: 1. فهذه الآية تدل قطعًا على أن الله واحدٌ لا شريك له. يطلق عليها علماء الأصول قطعية الدلالة، وآيات المحكمات هي آيات متعلقة بأصول العقائد، وأصول الأحكام ، أي بالأمر والنهي، فهي ثابتة على الإطلاق غير قابلة للتغيير والتطور.
الحمد لله رب العالمين، الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، ونور له طريق الهداية، وأمن له الاطمئنان النفسي، وضمن له الإستقرار في ذاته. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا بربوبيّته، وإيمانا برحمته سبحانه وتعالى، وأشهد أنّ سيدنا ونبينا محمداً رسول الله، سيّد الخلق ورحمة الله المهداة للعالمين. اللهمّ صلّ وسلّم وبارك على هذا النبي وعلى آله الطاهرين، وأصحابه الطيبين، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
معشر الإخوة والأخوات: أصيكم ونفسي بتقوى الله،«واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين»
إن الله تعالى أنزل القرآن الكريم، فأحكم آياته، وفصل حلاله وحرامه، وبين حدوده وفرائضه. وبجانب هذا الإحكام والبيان الرباني جعل الله تعالى القرآن الكريم يحتوي على المتشابهات؟ قال تعالى:هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتآل عمران:7. وإذا نظرنا إلى القرآن الكريم من حيث المحكم والمتشابه، يمكن تقسيمه إلى قسمين: القسم الأول محكم: بمعنى إتقان ألفاظه، بحيث لا يتطرق إليها أي لون من ألوان النقص والإلتباس في اللفظ أو المعنى. قال تعالى: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ هود:1. وقال تعالى: . وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً الأنعام:115. صدقا في الأخبار، وعدلا في الأحكام. والقسم الثاني من القرآن الكريم متشابه: بمعنى أن أياته متشابهة في الحق والصدق، والإعجاز والبلاغة، والهداية إلى الخير. قال تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ الزمر: 23. فآيات القرآن الكريم تصدق بعضها بعضا، ولآ تتناقض بعضها مع بعض. قال تعالى: . وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا النساء:82. إن الآيات المحكمات هي أصل القرآن، فهي بمنزلة الأم، وإليها ترجع الآيات المتشابهات. فما هو الإحكام والتشابه المقصود في القرآن الكريم من حيث المعنى والدلالة؟ فالمحكم من القرآن هو الذي لا يحتمل إلا معنى واحدا، ولا يدل إلا على معنى واحدا، ولا يتطلب إلى بذل الجهد في فهمه، ولا يختلف فيه العلماء، مثل قوله تعالى: . قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الصمد: 1. فهذه الآية تدل قطعًا على أن الله واحدٌ لا شريك له. يطلق عليها علماء الأصول قطعية الدلالة، وآيات المحكمات هي آيات متعلقة بأصول العقائد، وأصول الأحكام ، أي بالأمر والنهي، فهي ثابتة على الإطلاق غير قابلة للتغيير والتطور.
بارك الله لي ولكم في القران العظيم …ونفعني وإياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم …أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير رسله وأنبيائه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
معشر الإخوة والأخوات:
إن الآيات المُتشابهات هي التى تحتمل أكثر من معنى، وبذلك قد يفهمها البعض بمعنى مُختلف عمَّا يفهمه البعض الآخر. وهي نوعان: الأول حقيقي: وهو الذي استأثر الله بعلمه، مثل حقائق صفات الله عز وجل. إن في مقدور الإنسان معرفة معاني هذه الصفات، ولكن ليس في مقدوره علم حقائقها وكيفياتها. قال تعالى: وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ط ـه: 110، وقال تعالى : لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَا رُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ الأنعام: 310. تبين هذه الآيات المحكمات أن الإنسان عاجز أن يدرك حقائق صفات الله تعالى. فصفات الله تعالى معانيها معلومة، ولكن كيفيتها مرفوعة. ولقد سئل الإمام مالك رحمه الله تعالى عن قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى طـه:5. كيف استوى؟ فقال الإمام مالك رحمه الله تعالى: الإستواء معلوم، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب. والنوع الثاني من الآيات المتشابهات نسبي: وهو ما يكون مشتبها على بعض الناس دون البعض. وقد أشارت الآية الكريمة إلى هذا النوع بقوله تعالى: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ آل عمران:7. علم الله تعالى طبيعة الناس، وتنوع أحوالهم، ففيهم الماقصدي الذي يبحث عن مقصد النص، والظاهري الذي يقف عند حرفية النص، والعقلاني الذي يهتم بمعقولية النص، والصوفي الذي يهتم بإشارة النص. اقتضت حكمة الله تعالى أن يسع البيان والخطاب القرآني جميع الناس على مختلف ميولاتهم. ولقد أودع الله عز وجل في القرآن الكريم من البينات والدلائل ما يجد فيه كل انسان غايته. فالآية المتشابهة لها ظاهر وباطن، فالعالم المسلم يعرض الآية المتشابهة على الآية المحكمة ليعرف المعنى المقصود منها. مثل قوله تعالى: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ النساء: 79. ويقول تعالى في أخرى أخرى : وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ النساء: 78. يتبين من الآيتين أن الحسنة والسيئة بتقدير الله عز وجل قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لكن الحسنة سببها فضل الله تعالى على عباده مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ، وأما السيئة فهي موكلة إلى اختيار الإنسان، وهذا معنى قوله تعالى: وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ . إن المؤمن يؤمن بالمتشابهات ويتق الشبهات، فلا يُسَيِرُه الهوى ليُحرِم ما أحل الله، ويُبيح ما حرم الله، ولا ينسب إلى الله ما لا يليق بجلاله. لقد اختلف علماء المسلمين في التعامل مع الآيات المتشابهات المتعلقة بذات الله تعالى، فمنهم من يرى أن تُدع تأويلها إلى الله تعالى، ومنهم من يرى أن تُؤول وفق ما يليق بكمال الله تعالى.